السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المصدر: صحيح البخاري ...باب السلم
::: السلم إلى من ليس عنده أصل :::
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْمُجَالِدِ قَالَ بَعَثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ وَأَبُو بُرْدَةَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَا سَلْهُ
هَلْ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْلِفُونَ فِي الْحِنْطَةِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كُنَّا نُسْلِفُ نَبِيطَ أَهْلِ الشَّأْمِ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّيْتِ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ قُلْتُ إِلَى مَنْ كَانَ أَصْلُهُ عِنْدَهُ قَالَ مَا كُنَّا نَسْأَلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ
ثُمَّ بَعَثَانِي إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْلِفُونَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ نَسْأَلْهُمْ أَلَهُمْ حَرْثٌ أَمْ لَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُجَالِدٍ بِهَذَا وَقَالَ فَنُسْلِفُهُمْ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ وَقَالَ وَالزَّيْتِ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ وَقَالَ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قَوْله : ( نَبِيطَ أَهْل الشَّام )
فِي رِوَايَة سُفْيَان " أَنْبَاط مِنْ أَنْبَاط الشَّام " وَهُمْ قَوْم مِنْ الْعَرَب دَخَلُوا فِي الْعَجَم وَالرُّوم وَاخْتَلَطَتْ أَنْسَابهمْ وَفَسَدَتْ أَلْسِنَتهمْ , وَكَانَ الَّذِينَ اِخْتَلَطُوا بِالْعَجَمِ مِنْهُمْ يَنْزِلُونَ الْبَطَائِح بَيْن الْعِرَاقَيْنِ , وَالَّذِينَ اِخْتَلَطُوا بِالرُّومِ يَنْزِلُونَ فِي بِوَادِي الشَّام وَيُقَال لَهُمْ النَّبَط بِفَتْحَتَيْنِ وَالنَّبِيطُ بِفَتْحِ أَوَّله وَكَسْر ثَانِيه وَزِيَادَة تَحْتَانِيَّة , وَالْأَنْبَاط قِيلَ سُمُّوا بِذَلِكَ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِأَنْبَاطِ الْمَاء أَيْ اِسْتِخْرَاجه لِكَثْرَةِ مُعَالَجَتهمْ الْفِلَاحَة .
قَوْله : ( قُلْتُ إِلَى مَنْ كَانَ أَصْله عِنْده )
أَيْ الْمُسْلَم فِيهِ , وَسَيَأْتِي مِنْ طَرِيق سُفْيَان بِلَفْظِ " قُلْت أَكَانَ لَهُمْ زَرْع أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ " .
قَوْله : ( مَا كُنَّا نَسْأَلهُمْ عَنْ ذَلِكَ )
كَأَنَّهُ اِسْتَفَادَ الْحُكْم مِنْ عَدَم الِاسْتِفْصَالِ وَتَقْرِير النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ .
قَوْله : ( وَقَالَ عَبْد اللَّه بْن الْوَلِيد )
هُوَ الْعَدَنِيّ , وَسُفْيَان هُوَ الثَّوْرِيّ , وَطَرِيقه مَوْصُولَة فِي " جَامِع سُفْيَان " مِنْ طَرِيق عَلِيّ بْن الْحَسَن الْهِلَالِيّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْوَلِيد الْمَذْكُور , وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى صِحَّة السَّلَم إِذَا لَمْ يَذْكُر مَكَان الْقَبْض , وَهُوَ قَوْل أَحْمَد وَإِسْحَاق وَأَبِي ثَوْر , وَبِهِ قَالَ مَالِك وَزَادَ : وَيَقْبِضهُ فِي مَكَان السَّلَم , فَإِنْ اِخْتَلَفَا فَالْقَوْل قَوْل الْبَائِع . وَقَالَ الثَّوْرِيّ وَأَبُو حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ : لَا يَجُوز السَّلَم فِيمَا لَهُ حِمْل وَمُؤْنَة إِلَّا أَنْ يَشْتَرِط فِي تَسْلِيمه مَكَانًا مَعْلُومًا . وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَاز السَّلَم فِيمَا لَيْسَ مَوْجُودًا فِي وَقْت السَّلَم إِذَا أَمْكَنَ وُجُودُهُ فِي وَقْت حُلُول السَّلَم وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُور , وَلَا يَضُرّ اِنْقِطَاعه قَبْل الْمَحَلّ وَبَعْده عِنْدهمْ . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة : لَا يَصِحّ فِيمَا يَنْقَطِع قَبْله , وَلَوْ أَسْلَمَ فِيمَا يَعُمّ فَانْقَطَعَ فِي مَحَلّه لَمْ يَنْفَسِخ الْبَيْع عِنْد الْجُمْهُور , وَفِي وَجْه لِلشَّافِعِيَّةِ يَنْفَسِخ , وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَاز التَّفَرُّق فِي السَّلَم قَبْل الْقَبْض لِكَوْنِهِ لَمْ يَذْكُر فِي الْحَدِيث , وَهُوَ قَوْل مَالِك إِنْ كَانَ بِغَيْرِ شَرْط . وَقَالَ الشَّافِعِيّ وَالْكُوفِيُّونَ : يَفْسُد بِالِافْتِرَاقِ قَبْل الْقَبْض لِأَنَّهُ يَصِير مِنْ بَاب بَيْع الدَّيْن بِالدَّيْنِ . وَفِي حَدِيث اِبْن أَبِي أَوْفَى جَوَاز مُبَايَعَة أَهْل الذِّمَّة وَالسَّلَم إِلَيْهِمْ , وَرُجُوع الْمُخْتَلِفِينَ عِنْد التَّنَازُع إِلَى السُّنَّة , وَالِاحْتِجَاج بِتَقْرِيرِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَنَّ السُّنَّة إِذَا وَرَدَتْ بِتَقْرِيرِ حُكْم كَانَ أَصْلًا بِرَأْسِهِ لَا يَضُرّهُ مُخَالَفَة أَصْل آخَر . ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّف فِي الْبَابِ حَدِيث اِبْن عَبَّاس الْآتِي فِي الْبَاب الَّذِي يَلِيه , وَزَعَمَ اِبْن بَطَّال أَنَّهُ غَلَط مِنْ النَّاسِخ وَأَنَّهُ لَا مَدْخَل لَهُ فِي هَذَا الْبَاب إِذْ لَا ذِكْر لِلسَّلَمِ فِيهِ , وَغَفَلَ عَمَّا وَقَعَ فِي السِّيَاق مِنْ قَوْل الرَّاوِي إِنَّهُ سَأَلَ اِبْن عَبَّاس عَنْ السَّلَم فِي النَّخْل , وَأَجَابَ اِبْن الْمُنِير أَنَّ الْحُكْم مَأْخُوذ بِطَرِيقِ الْمَفْهُوم وَذَلِكَ أَنَّ اِبْن عَبَّاس لَمَّا سُئِلَ عَنْ السَّلَم مَعَ مَنْ لَهُ نَخْل فِي ذَلِكَ النَّخْل رَأَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ قَبِيل بَيْع الثِّمَار قَبْل بُدُوّ الصَّلَاح فَإِذَا كَانَ السَّلَم فِي النَّخْل الْمُعَيَّن لَا يَجُوز تَعْيِين جَوَازه فِي غَيْر الْمُعَيَّن لِلْأَمْنِ فِيهِ مِنْ غَائِلَةِ الِاعْتِمَاد عَلَى ذَلِكَ النَّخْل بِعَيْنِهِ لِئَلَّا يَدْخُل فِي بَاب بَيْع الثِّمَار قَبْل بُدُوّ الصَّلَاح , وَيُحْتَمَل أَنْ يُرِيد بِالسَّلَمِ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيّ أَيْ السَّلَف لَمَّا كَانَتْ الثَّمَرَة قَبْل بُدُوّ صَلَاحهَا فَكَأَنَّهَا مَوْصُوفَة فِي الذِّمَّة .
===========================================
حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ الطَّائِيَّ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
عَنْ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ قَالَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يُوكَلَ مِنْهُ وَحَتَّى يُوزَنَ فَقَالَ الرَّجُلُ وَأَيُّ شَيْءٍ يُوزَنُ قَالَ رَجُلٌ إِلَى جَانِبِهِ حَتَّى يُحْرَزَ
وَقَالَ مُعَاذٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قَوْلُهُ : ( أَخْبَرَنَا عَمْرو )
فِي رِوَايَة مُسْلِمٍ " عَمْرو بْن مُرَّة " وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طُرُق عَنْ شُعْبَة .
قَوْله : ( فَقَالَ رَجُل مَا يُوزَن )
لَمْ أَقِف عَلَى اِسْمه , وَزَعَمَ الْكَرْمَانِيُّ أَنَّهُ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ نَفْسه لِقَوْلِهِ فِي بَعْض طُرُقه " فَقَالَ لَهُ الرَّجُل " بِالتَّعْرِيفِ .
قَوْله : ( فَقَالَ لَهُ رَجُل إِلَى جَانِبه )
لَمْ أَقِف عَلَى اِسْمه ,
وَقَوْله : ( حَتَّى يُحْرَز )
بِتَقْدِيمِ الرَّاء عَلَى الزَّاي أَيْ يُحْفَظ وَيُصَان , وَفِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ بِتَقْدِيمِ الزَّاي عَلَى الرَّاء أَيْ يُوزَن أَوْ يُخْرَص , وَفَائِدَة ذَلِكَ مَعْرِفَة كِمِّيَّة حُقُوق الْفُقَرَاء قَبْل أَنْ يَتَصَرَّف فِيهِ الْمَالِك , وَصَوَّبَ عِيَاض الْأَوَّل وَلَكِنَّ الثَّانِي أَلْيَق بِذِكْرِ الْوَزْن , وَرَأَيْته فِي رِوَايَة النَّسَفِيِّ " حَتَّى يُحَرَّر " بِرَاءَيْنِ الْأُولَى ثَقِيلَة وَلَكِنَّهُ رَوَاهُ بِالشَّكِّ .
قَوْله : ( وَقَالَ مُعَاذ حَدَّثَنَا شُعْبَة )
وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ عَنْ يَحْيَى بْن مُحَمَّد عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن مُعَاذ عَنْ أَبِيهِ بِهِ .