حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاصَلَ فَوَاصَلَ النَّاسُ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَنَهَاهُمْ قَالُوا إِنَّكَ تُوَاصِلُ قَالَ لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أَظَلُّ أُطْعَمُ وَأُسْقَى
=========================================
حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قَوْلُهُ ( تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السُّحُورِ بَرَكَةً ) )
هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ وَبِضَمِّهَا , لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَرَكَةِ الْأَجْرُ وَالثَّوَابُ فَيُنَاسِبُ الضَّمُّ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّسَحُّرِ , أَوْ الْبَرَكَةُ لِكَوْنِهِ يُقَوِّي عَلَى الصَّوْمِ وَيُنَشِّطُ لَهُ وَيُخَفِّفُ الْمَشَقَّةَ فِيهِ فَيُنَاسِبُ الْفَتْحَ لِأَنَّهُ مَا يُتَسَحَّرُ بِهِ , وَقِيلَ الْبَرَكَةُ مَا يُتَضَمَّنُ مِنْ الِاسْتِيقَاظِ وَالدُّعَاءِ فِي السَّحَرِ , وَالْأَوْلَى أَنَّ الْبَرَكَةَ فِي السُّحُورِ تَحْصُلُ بِجِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ , وَهِيَ اِتِّبَاعُ السُّنَّةِ , وَمُخَالَفَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ , وَالتَّقَوِّي بِهِ عَلَى الْعِبَادَة , وَالزِّيَادَةُ فِي النَّشَاطِ , وَمُدَافَعَةُ سُوءِ الْخُلُقِ الَّذِي يُثِيرُهُ الْجُوعُ , وَالتَّسَبُّبُ بِالصَّدَقَةِ عَلَى مَنْ يَسْأَلُ إِذْ ذَاكَ أَوْ يَجْتَمِعُ مَعَهُ عَلَى الْأَكْلِ , وَالتَّسَبُّبُ لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَقْتَ مَظِنَّةِ الْإِجَابَةِ , وَتَدَارُكُ نِيَّةِ الصَّوْمِ لِمَنْ أَغْفَلَهَا قَبْلَ أَنْ يَنَامَ . قَالَ اِبْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ : هَذِهِ الْبَرَكَةُ يَجُوزُ أَنْ تَعُودَ إِلَى الْأُمُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ فَإِنَّ إِقَامَةَ السُّنَّةِ يُوجِبُ الْأَجْرَ وَزِيَادَتَهُ , وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَعُودَ إِلَى الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ كَقُوَّةِ الْبَدَنِ عَلَى الصَّوْمِ وَتَيْسِيرِهِ مِنْ غَيْرِ إِضْرَارٍ بِالصَّائِمِ . قَالَ : وَمِمَّا يُعَلَّلُ بِهِ اِسْتِحْبَابُ السُّحُورِ الْمُخَالَفَةُ لِأَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ عِنْدَهُمْ , وَهَذَا أَحَدُ الْوُجُوهِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلزِّيَادَةِ فِي الْأُجُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ . وَقَالَ أَيْضًا : وَقَعَ لِلْمُتَصَوِّفَةِ فِي مَسْأَلَةِ السُّحُورِ كَلَامٌ مِنْ جِهَةِ اِعْتِبَارِ حُكْمِ الصَّوْمِ وَهِيَ كَسْرُ شَهْوَةِ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ , وَالسُّحُورُ قَدْ يُبَايِنُ ذَلِكَ . قَالَ : وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ مَا زَادَ فِي الْمِقْدَارِ حَتَّى تَنْعَدِمَ هَذِهِ الْحِكْمَةُ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَيْسَ بِمُسْتَحَبٍّ كَاَلَّذِي صَنَعَهُ الْمُتْرَفُونَ مِنْ التَّأَنُّقِ فِي الْمَآكِلِ وَكَثْرَةِ الِاسْتِعْدَادِ لَهَا , وَمَا عَدَا ذَلِكَ تَخْتَلِفُ مَرَاتِبُهُ .
( تَكْمِيلٌ ) :
يَحْصُلُ السُّحُورُ بِأَقَلِّ مَا يَتَنَاوَلُهُ الْمَرْءُ مِنْ مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ . وَقَدْ أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ بِلَفْظِ " السُّحُورُ بَرَكَةٌ فَلَا تَدَعُوهُ وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جَرْعَةً مِنْ مَاءٍ , فَإِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ " وَلِسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى مُرْسَلَةٍ " تَسَحَّرُوا وَلَوْ بِلُقْمَةٍ " .